الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث مساجد خارج السيطرة بين الدعوة إلى الجهاد وانتخاب الأحزاب «المسلمة»

نشر في  17 سبتمبر 2014  (11:51)

حسب أحدث الإحصائيات يوجد في بلادنا أكثر من 5000 مسجد وحسب القانون فإن وزارة الشؤون الدينية هي من تشرف عليها وتنتدب إطاراتها، والمتعارف عليه هو أن إطارات المسجد أربعة وهم  المنظف و المؤذن و إمام الخمس وإمام خطيب وهو الذي  يشرف على خطبة الجمعة وقد عرفت المساجد بعد الثورة فوضى لا مثيل لها إذ تم إنزال الأئمة من المنابر واحتلها بعض المتشددين.
 

ورغم تعدد التصريحات وتباينها حول قيام وزارة الشؤون الدينية بخطة لتقنين العمل بالمساجد والجوامع إلا أن بعضها بقي خارج السيطرة إثر استيلاء مجموعات سلفية عليها بالكامل,وأصبح من الصعب جدا استعادتها، ورغم الإحصائيات المطمئنة بأن عددا قليلا من المساجد بقي خارج السيطرة وأن حكومة المهدي جمعة حريصة على استعادتها بالكامل إلا أن البعض يروج إلى أن الحقيقة غير ذلك وأن الحديث عن بقاء 25مسجدا فقط خارج السيطرة هو تسويق الإعلامي ليس إلا وأن الحقيقة غير ذلك.

بداية الانفلات

إن الإستيلاء على المساجد انطلق  مع الإنفلات الأمني الذي تلا الثورة وتم عبر تهديد عناصر هذه المجموعات للأئمة السابقين بتعنيفهم في صورة قيامهم بعملهم بصفة عاديّة.وقد كانت لنا حينها عديد الزيارات الميدانية  إلى عديد المساجد حيث عاينا بأنفسنا كيف تحولت بعض المساجد إلى خلايا إرهابية تدعو للجهاد في سوريا كجامع بلال بن رباح بجندوبة حيث  حرض أولئك المتشددون على أحداث العنف ونذكر أنه وقعت آنذاك مواجهات مع قوات الأمن وصلت إلى حد استعمال الأسلحة البيضاء والقنابل المسيلة للدموع كما تم اقتحام مسجد بلال بن رباح وتم إيقاف العديد من المتشددين  وقد أحيلت عديد القضايا من هذا القبيل إلى القضاء.وقد اتهمت حكومة الترويكا بأنها تساهلت مع الذين سيطروا على المساجد في حين رد الوزير السابق للشؤون الدينية أن الوزارة بإمكاناتها المتواضعة لا يمكن لها استعادة كل المساجد ما لم تساندها وزارة الداخلية من خلال تنفيذ القرارات الصادرة في هذا الشأن.وبعد أن كان عدد المساجد التي هي خارج السيطرة يعد بالمئات أصبح لا يتجاوز حسب اخر تصريح لوزير الشؤون الدينية ال25مسجدا وهو عدد تعتبره الوزارة قليل جدا في حين يشكك اخرون في هذا الرقم.

وزارة الخادمي هي  من أغرقت المساجد بالمتطرفين

اعتبر النقابي الأمني الحبيب الراشدي أن الوزير السابق للشؤون الدينية يتحمل جزءا من المسؤولية في اعتلاء المتطرفين للمنابر لأنه والكلام له قد أسند لبعض الأئمة مهمة الإمامة رغم أنهم معروفون بالتشدد مشيرا إلى أن قرارات التسمية لا تعني بالضرورة أن تلك المساجد هي تحت السيطرة لأنه حسب قوله وبكل بساطة من وقع تعيينهم  هم متشددون وذكر كمثال على ذلك جامع عمر بن الخطاب بحي ابن سينا بالعاصمة الذي يعرف القاصي والداني أن إمامه من المتشددين وقد عرف عنه دعوته للجهاد في سوريا رغم أن قرار تسميته صادر عن وزارة الشؤون الدينية .مضيفا أن عددا كبيرا من الأئمة الذين وقعت تسميتهم في عهد النهضة هم من أتباعها.واعتبر الحبيب الراشدي أن هذه المساجد بدورها خارج السيطرة باعتبارها تتبع حزبا معينا .وأشار الراشدي أيضا إلى أن جامع الزيتونة ظل خارجا عن سيطرة حركة النهضة التي حاولت استعادته لكنها لم تفلح في ذلك لأن الشيخ الحسين العبيدي تصدى لهم ورفض أن يترك جامع الزيتونة لأصحاب الفكر الوهابي.

   الفاضل عاشور: ما تبقى خارج السيطرة 25مسجدا فقط  

أكد لنا الفاضل عاشور أنه بالفعل لم يتبق من المساجد خارج السيطرة سوى 25مسجدا وقد أحيلت ملفاتهم على القضاء باعتبار أن من يشرفون عليها لم تعينهم وزارة الإشراف وعرفوا بتشددهم الديني، لكنه في المقابل أشار إلى أن الوزارة أيضا بصدد درس ملفات أكثر من 70مسجدا غير قانوني بعد أن عمد البعض إلى تحويل المساجد من أماكن للعبادة إلى بؤر لتفريخ الإرهابيين، وقد طالبت الوزارة بتسوية وضعياتهم القانونية، وإلا فإن مصيرها سيكون الغلق وقد بينت الوزارة أنه لا مجال لوجود أماكن للعبادة خارج سيطرتها.مشيرا إلى أن بعضها صدرت في شأنه أوامر بالغلق إلى حين تسوية الوضعيات.لكنه في المقابل استغرب بقاء جامع الزيتونة خارج سيطرة الوزارة رغم صدور أحكام قضائية في شأنه تقضي بإعادته إلى سلطة وزارة الشؤون الدينية .
بعض المشككين اعتبروا أن بقاء جامع الزيتونة الذي لا يبعد سوى أمتار عن مقر الحكومة ووزارة الشؤون الدينية ما هو إلا دليل على أن مساجد أخرى كثيرة لا تزال خارج السيطرة واتهموا وزارة الداخلية بأنها تتقاعس في دورها ولا تريد تطبيق الأحكام القانونية الصادرة لصالح وزارة الشؤون الدينية .

تحييد المساجد عن الحملات الانتخابية

وأشار الفاضل عاشور أن هناك إجراءات صارمة ضد كل إمام سيتدخل في الشأن السياسي كما أن كل إطار ديني أعلن ترشحه للانتخابات قدم استقالته منعا لكل دعاية حزبية وحتى نبعد المساجد عن التجاذبات السياسية .لكن الحبيب الراشدي نبه إلى خطورة بعض الأئمة المتسيسين الذين لن تمنعهم القوانين للدعاية لأحزابهم مثلما كان الحال في انتخابات أكتوبر 2011  عندما دعا بعض الأئمة المصلين في كثير من المساجد  إلى «انتخاب حزب المسلمين وعدم انتخاب الأحزاب الكافرة» في تلاعب غير مشروع بعقول بعض المواطنين البسطاء.
    

عبد اللطيف العبيدي